بدأت حالات الإصابة بسرطان الرئة بالازدياد عند النساء على مدى العقود القليلة الماضية بعد أن كان مرضاً يصيب غالباً الرجال. يُعدّ سرطان الرئة في جميع أنحاء العالم هو السرطان الأكثر شيوعاً بين الرجال والنساء من حيث الإصابة والوفيات على حدٍّ سواء. حيث شكل سرطان الرئة حوالي 11.6٪ من جميع حالات السرطان و18.4٪ من جميع الوفيات المرتبطة بالسرطان في عام 2020 وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. وهو يأتي في المرتبة الثالثة بين أكثر أنواع السرطان شيوعاً بعد سرطان الثدي وسرطان القولون والمستقيم والمسبب الرئيسي الثاني للوفيات الناتجة عن السرطان لدى النساء.
ففي السنوات الأخيرة، كان هناك ارتفاع مقلق في حالات سرطان الرئة بين النساء في العديد من المناطق، بما في ذلك البلدان المتقدمة والنامية. كما تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة، على غرار العديد من البلدان الأخرى، ارتفاعاً ملحوظاً في حالات سرطان الرئة بين النساء. وفي المقابل، أدى تنفيذ لوائح الإقلاع عن التدخين إلى انخفاض واضح في الإصابة بسرطان الرئة لدى الرجال في الولايات المتحدة الأمريكية. أسهمت التركيبة السكانية المتغيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحولات نمط الحياة الصحية، وارتفاع عدد المدخنات في هذه المشكلة الصحية المقلقة.
عوامل الخطر للنساء المصابات بسرطان الرئة
- التدخين: لا يزال التدخين السبب الرئيسي لسرطان الرئة بين النساء. يؤدي دخان السجائر والأرجيلة والتدخين الإلكتروني وغيره من العادات المماثلة المزودة بمواد مسرطنة إلى تلف خلايا الرئة، مما يؤدي إلى ظهور السرطان بمرور الوقت. على مدى العقود القليلة الماضية، كانت الزيادة في عدد النساء المدخنات عاملاً حاسماً وراء ارتفاع معدلات سرطان الرئة بين الإناث.
- التدخين السلبي: يزيد التعرض للتدخين السلبي، لا سيما في البيئات الداخلية، من خطر الإصابة بسرطان الرئة لدى النساء غير المدخنات. يمكن أن يساعد التشجيع على خلو الأماكن العامة والمنازل من التدخين في تقليل هذا الخطر.
- التعرض لغاز الرادون: يعد الرادون أحد مصادر غاز الإشعاع الطبيعي الذي يمثل خطراً رئيسياً لسرطان الرئة، خاصةً في الأماكن المغلقة ذات التهوية السيئة. تتعرض النساء اللاتي يقضين فترات طويلة داخل المنزل، مثل ربات البيوت وموظفات المكاتب، لمخاطر متزايدة.
- الجينات الوراثية: قد تتسبب بعض الجينات الوراثية لبعض النساء في الإصابة بسرطان الرئة، حتى بدون عوامل الخطر الأخرى المعروفة. ومن الممكن أن يساعد فهم القابلية الوراثية في تقييم المخاطر الشخصية والكشف المبكر.
الوقاية والكشف المبكر
الوقاية والكشف المبكر هما عنصران مهمان في مكافحة سرطان الرئة. وبتنفيذ التدابير الاحترازية الفعالة وتعزيز الفحص المبكر، يمكن للمرء أن يقلل من الإصابة بهذا المرض الفتاك وأن يحسن نتائجه.
سبل الوقاية
- الإقلاع عن التدخين: يُعد الإقلاع عن التدخين هو الخطوة الأكثر أهمية في الوقاية من سرطان الرئة. إن تشجيع ودعم المدخنين للإقلاع عن التدخين من خلال مختلف برامج الإقلاع عن التدخين وتقديم المشورة وتناول الأدوية يمكن أن يقلل بوضوح من خطر الإصابة بسرطان الرئة.
- حملات التوعية العامة: من الضروري زيادة الوعي بمخاطر التدخين والتعرض للتدخين السلبي. ويمكن لحملات الصحة العامة أن تثقف الجمهور، ولا سيما الشباب، بشأن المخاطر المرتبطة بالتدخين وتساعد على منعهم من البدء في هذه العادة.
- القواعد البيئية: إن تنفيذ وإنفاذ لوائح صارمة للسيطرة على التعرض للملوثات البيئية والمواد المسرطنة يمكن أن يحمي الأفراد من استنشاق المواد الضارة التي تسهم في نمو سرطان الرئة.
- جودة الهواء في الأماكن المغلقة: إن تحسين جودة الهواء في الأماكن المغلقة من خلال ضمان التهوية السليمة والحد من التعرض للرادون والأسبستوس وغير ذلك من الملوثات من الممكن أن يقلل من خطر الإصابة بسرطان الرئة، وخاصةً أولئك الذين يقضون وقتاً طويلاً في الأماكن المغلقة.
الكشف المبكر
- التعرف على الأعراض: تعد توعية الجمهور ومقدمي الرعاية الصحية بالأعراض المبكرة لسرطان الرئة أمراً مهماً. وينبغي أن يؤدي السعال المستمر وألم الصدر وخسارة الوزن غير المبرر وضيق التنفس وعدوى الجهاز التنفسي المتكررة إلى مزيد من التقييم.
- الفحوصات الطبية المنتظمة: يمكن أن تساعد الفحوصات المنتظمة في الكشف عن سرطان الرئة في مرحلة مبكرة وأكثر قابلية للعلاج الرئة وغيره من المشكلات الصحية.
- التحقق من الأعراض: يمكن أن يؤدي التقييم الفوري والتحقيق في أي أعراض تنفسية أو تشوهات تم اكتشافها خلال الفحوصات الطبية المنتظمة إلى التشخيص والتدخل المبكر.
- برامج الفحوصات الطبية: إن الهدف من إجراء فحص سرطان الرئة للأفراد المعرضين لمخاطر عالية هو الكشف عن الإصابة بسرطان الرئة في مرحلة مبكرة للغاية عندما تكون هناك قابلية أفضل للعلاج. عادةً ما يوصى بإجراء فحوصات التصوير المقطعي المحوسب ذات الجرعة المنخفضة لفحص سرطان الرئة لدى الأفراد المعرضين لخطر الإصابة، مثل المدخنين الحاليين أو السابقين.
أدت الأبحاث الطبية والتقدم التكنولوجي إلى تطورات واعدة في علاج سرطان الرئة. وقد أظهرت العلاجات الموجهة والعلاجات المناعية والطب الدقيق إمكانات كبيرة في تحسين نتائج العلاج لمرضى سرطان الرئة.
إضافةً إلى ذلك، يستفيد مرضى سرطان الرئة في مراحلهم المبكرة من استخدام تقنيات ذات تدخل محدود، مثل جراحة المنظار الصدري بمساعدة الفيديو، والتي ثبتت أنها تساعد على التعافي الأسرع والحد من مضاعفات ما بعد الجراحة.
تتطلب الزيادة المقلقة في حالات الإصابة بسرطان الرئة بين النساء اهتماماً عاجلاً واتخاذ إجراءات سريعة على الصعيد العالمي. تعمل المبادرة العالمية لمكافحة السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية بلا كلل للحد من عبء سرطان الرئة من خلال تنفيذ إستراتيجيات وقائية فعَّالة وتعزيز الكشف المبكر وتحسين خيارات العلاج.