"ماذا لو أمكن توفير تجربة للأمهات اللاتي سيخضعن للولادةالقيصرية تشبه إلى حدٍّ كبير الولادة الطبيعية عن طريق المهبل؟"
الجراحةالقيصرية، المعروفة باسم الولادة القيصرية، هي تدخل جراحي لولادة الطفل من خلال شقفي البطن عندما تكون الولادة الطبيعية غير آمنة أو مستحيلة. وقد ارتبطت الولادات القيصرية في السابق بنهج علاجي موضوعي يركزبصفة أساسية على الجوانب الطبية بدلاً من التجربة العاطفية التي تمر بها الأم. إلا أن نهجاً جديداً يُعرف باسم "الولادةالقيصرية الآمنة" بدأ الآن يحظى بشعبية، فهو يهدف إلى تحويل هذه العمليةالجراحية إلى تجربة مفعمة بمزيدٍ من الرحمة وتتمحور حول الأسرة.
تطورتالولادة القيصرية على نحو ملحوظ بمرور الوقت. إذ كانت في البداية مخصصة لحالات الطوارئ، حيث كانت إحدى تدابيرإنقاذ حياة الأمهات والأطفال الذين يواجهون مضاعفات خطيرة أثناء الولادة. ومع تقدم التكنولوجيا الطبية، تحسَّنتسلامة الجراحة.ولكنظل التركيز منصباً بصفة رئيسية على الجوانب الطبية، مع تجاهل السلامة العاطفيةللأم في كثير من الأحيان.ومعزيادة الوعي حول الآثار البالغة لتجارب الولادة، أصبحت الحاجة إلى نهج أكثرتعاطفاً مع الولادة القيصرية أمراً مُعترفاً به. وقد أدى هذا التحول في النظرة إلى الولادة القيصرية إلى استكشافطرق لجعل الجراحة أكثر دعماً للأمهات على المستوى العاطفي.
الهدفمن الولادة القيصرية الآمنة هو توفير بيئة ولادة أكثر احتواءً ورحمةً. وتشمل المبادئ الأساسية للولادة القيصريةالآمنة التواصل الصريح وزيادة مشاركة الأم ومرافقها في الولادة وتوفير جو هادئومريح في غرفة العمليات.
ويتضمنذلك تعديلات على بروتوكول الجراحة التقليدية، مع التركيز على مراعاة الاحتياجاتالعاطفية للأم وتيسير الترابط الفوري بين الأم والطفل. ومن الفوائد التي يشملها هذا الأسلوب ما يلي:
تضعالولادة القيصرية الآمنة السلامة العاطفية للأم على رأس أولوياتها، اعترافاً بأنالولادة تُمثِّل تجربة عاطفية قوية مليئة بالتحولات. حيث تعزز الولادة القيصرية الآمنة مشاعر التمكين والمشاركة والرضاللأم من خلال ترسيخ مبادئ التعاطف والتواصل، وتعترف بأهمية وجود مرافق الولادة، مما يسمح له بتقديم الدعمومشاركة فرحة الولادة.ومنثم توفر هذه المشاركة تجربة ولادة لا تُنسى مفعمة بمشاعر الألفة، تشعر خلالها الأمبمشاركتها الفعَّالة في هذه العملية.
تعدملامسة الجلد للجلد مباشرة بعد الولادة بين الأم وطفلها سمة مميزة للولادةالقيصرية الآمنة.إذتُبذل جهود مضنية لتيسير حدوث هذا الترابط المهم حتى أثناء العملية الجراحية. حيث تعزز ملامسة الجلد للجلد الترابطالمبكر بين الأم وطفلها، مما يوفر أساساً راسخاً لتكوين ارتباط عاطفي وطيد. كما أنه يدعم بدء الرضاعة الطبيعية، نظراًلقرب الطفل من ثدي الأم، ومن ثم تساعد هذه التجربة على بدء إدرار حليب الأمواستقراره ومن ثم تقليل فرص فشل الرضاعة. كذلك يحفز هذا التواصل المبكر إفراز هرمونأوكسايتوسين، يُشار إليه غالباً باسم "هرمون الحب"، والذي يعزز ارتباطالأم بالرضيع وينمي الشعور بالهدوء والراحة لدى كلٍّ من الأم والطفل.
يوصيالمعهد الوطني للصحة وجودة الرعاية النساء اللاتي ينجبن أطفالاً مكتملي النمو بعدمقطع الحبل السري على الفور، أي خلال أول 60 ثانية، من أجل منح الطفل 80-100 مل منالدم الإضافي من المشيمة.
يمكنللولادة القيصرية التقليدية في بعض الأحيان أن تجعل الأمهات يشعرن بالانفصال عنعملية الولادة وقد يساهم ذلك في الشعور بالصدمة أو الإحباط. وفي المقابل، تسعى الولادة القيصرية الآمنة إلى إشراك الأم بشكلفعَّال في اتخاذ القرارات من خلال شرح مراحل العملية وتوفير بيئة هادئة وداعمة. ومن ثم تساعد الولادة القيصرية الآمنة علىتقليل مشاعر الصدمة المرتبطة بالولادة الجراحية من خلال التصدي لبواعث قلق الأموتبديد مخاوفها وتلبية احتياجاتها.
وتتطلبالولادة القيصرية الآمنة تعاون مقدم الرعاية الصحية مع الأم الحامل. حيث تتضمن الممارسات الرئيسية التواصل الفعَّالوالتخطيط للولادة والحرص على مراعاة احتياجات الأم. كما أن تواجد مرافق الولادة خلال مراحل العملية يعزز الدعمالعاطفي، ويمكنللأم أن تشهد لحظة الولادة من خلال استخدام ستارة شفافة، مما يعزز شعورهابالمشاركة. وبذلكفإن تقليل التدخلات الطبية قدر الإمكان يحافظ على التركيز على السلامة العاطفية للأموما تمر به من مشاعر مرهفة خلال تجربة الولادة.
لايمكن الاستخفاف بأهمية التثقيف والتوعية في إطار الولادة القيصرية الآمنة. لذا؛ يجب أن تكون الأمهات الحوامل ومرافقوالولادة على دراية تامة بهذا النهج البديل وفوائده. ومن الضروري أيضاً تقديم برامج تثقيفية وتدريبية شاملة لمختصيالرعاية الصحية على أساليب الولادة القيصرية الآمنة، وإعدادهم لتطبيق هذا النهجعلى نحو فعَّال، من أجل ضمان أن يصبح هذا النهج خياراً موحداً لكل امرأة تسعى إلى خوضتجربة ولادة أكثر رحمةً.
ويدلظهور مفهوم الولادة القيصرية الآمنة بصفة عامة على حدوث تحول كبير في النهج المتبعخلال الولادات الجراحية.
لذا؛تهدف الولادة القيصرية الآمنة إلى تغيير تجربة الولادة القيصرية للأمهات من خلالمنح الأولوية للتعاطف والتواصل والدعم العاطفي. حيث يقر هذا النهج بالجانب العاطفي للولادة ويهدف إلى توفير تجربةأكثر إرضاءً وتمكيناً للمرأة.