يحدث مرض الارتجاع المَعدي المريئي (GERD) عندما يتكرر ارتداد حمض المعدة إلى الأنبوب الذي يربط الفم بالمعدة (المريء). ويمكن أن يؤدي هذا الارتداد (الارتجاع الحمضي) إلى تهيُّج بطانة المريء. كما يمكن أن يُشكل هذا المرض عقبة رئيسية في حياتك اليومية ويُقلل من خيارات الأطعمة التي يمكنك تناولها.
يُعاني الكثير من الناس من الإصابة بارتجاع المريء. ويُعرف مرض الارتجاع المعدي المريئي بأنه ارتداد حمضي خفيف يحدث مرتين على الأقل في الأسبوع، أو ارتجاع حمضي متوسط أو حاد يحدث مرة واحدة على الأقل في الأسبوع. ويمكن لمعظم الأشخاص السيطرة على الانزعاج الناتج عن الإصابة بالارتجاع المعدي المريئي (GERD) بإدخال تغييرات إلى نمط الحياة وباستخدام الأدوية المتاحة والتي لا تحتاج إلى وصفة طبية. لكن قد يحتاج بعض المرضى المصابين بداء الارتجاع المَعدي المريئي (GERD) إلى تناول أدوية ذات تأثير ومفعول أقوى أو إلى تدخل جراحي للتخفيف من حدة الأعراض.
تشير الدراسات إلى أنه تبلغ معدلات الإصابة بهذا المرض من 7 % وحتى 33.1 % تقريباً من سكان الشرق الأوسط وتتزايد هذه النسب في المنطقة وفي جميع أنحاء العالم الغربي.
ووفقاً للدراسات والأبحاث، لوحظ انتشار مرض ارتجاع المريء من 8.7 إلى 33.1% من السكان في الشرق الأوسط. وقد لوحظ أيضاً انتشار مرض الارتداد المعدي المريئي داخل الإمارات العربية المتحدة وزيادة عدد المصابين بهذا المرض خلال العقد الماضي. ومن أهم أسباب زيادة انتشار المرض هو ارتفاع معدلات الإصابة بالسمنة والتي ساهمت في زيادة أعداد المصابين بارتجاع المريء بصورة كبيرة.
ُيعرف الارتجاع المعدي المريئي أيضاً باسم ارتداد المعدي المريئي المزمن، ويتم تشخيص الإصابة به من خلال الأعراض و/ أو تلف بعض الأنسجة وذلك بسبب تكرار الإصابة بهذا المرض أو الإصابة به لفترات طويلة والذي يؤدي إلى تلف أنسجة بطانة المريء بسبب المواد الحمضية التي تفرزها المعدة. وتحدث الإصابة بهذا المرض عند ارتخاء العضلة السفلى العاصرة للمريء وعدم قدرتها على غلق المريء أمام إفرازات المعدة. وهو ببساطة الشعور بالحرقان في الصدر مروراً بالحلق، وهذا الشعور عادةً ما يشبه أعراض الإصابة بالحموضة الطبيعية.
يعاني معظم الأشخاص من ارتجاع المريء في مرحلةٍ ما من حياتهم. ومن الشائع جداً أن يصاب الإنسان بارتجاع المريء والشعور بحرقان في المعدة من وقتٍ لآخر. ومع ذلك، فإذا كنت تعاني من ارتجاع المريء/ حرقة بالمعدة لأكثر من مرتين في الأسبوع واستمر ذلك لعدة أسابيع، يجب عليك تناول أدوية ومضادات الحموضة بانتظام، وإذا لم تتحسن حالتك واستمرت الأعراض، فقد تكون مصاباً بداء الارتداد المعدي المريئي. وفي هذه الحالة يجب استشارة الطبيب لوصف الأدوية المناسبة لحالتك. ومن الضروري استشارة الطبيب لأنه من الممكن أن تزداد أعراض الإصابة بداء الارتداد المعدي المريئي وربما تتطور الحالة أيضاً ويصل الأمر للإصابة بأمراض أكثر خطورة منها مثل الإصابة بمرض السرطان.
هناك عدة أسباب للإصابة بداء الارتداد المعدي المريئي. يحدث هذا عادةً عندما لا يعمل الجهاز الهضمي بأكمله بكفاءة عالية. ولمزيدٍ من التفاصيل والإيضاح: تتكون العضلة السفلية العاصرة للمريء من حلقة دائرية عضلية تقع أسفل المريء. وعندما تقوم هذه العضلة بوظيفتها بصورة طبيعية أثناء عملية البلع، ترتخي هذه العضلة الموجودة أسفل المريء. ثم تضيق هذه العضلات وتغلق مرةً أخرى وإذا ارتخت العضلة السفلية العاصرة للمريء على نحو غير طبيعي أو أصبحت ضعيفة، يمكن أن يرجع حمض المعدة إلى المريء، يؤدي هذا إلى ارتجاع العصارات الهضمية وعصارات المعدة الأخرى إلى أعلى المريء.
وهناك العديد من أسباب الإصابة الأخرى والتي تضم الاستلقاء بعد وقت قصير من تناول وجبة دسمة أو تناول كميات كبيرة من الطعام بصورة منتظمة أو في حال الإصابة بالفتق الحجابي.
ويُعد الارتجاع الحمضي أشهر الأعراض المعروفة للإصابة بداء الارتداد المعدي المريئي ويمكن أن يؤدي الارتجاع الحمضي إلى الشعور بحرقة في الصدر قد تصل إلى المريء والحلق. ويُطلق على هذا الشعور بحرقة المعدة. وإذا كنت تعاني من الارتجاع الحمضي، فقد تشعر بطعم حامض أو مرير في الجزء الخلفي من اللسان. وقد يتسبب أيضاً في ارتجاع الطعام أو الشراب من المعدة إلى الفم. وتشمل الأعراض الأخرى للإصابة بداء الارتداد المعدي المريئي ما يلي: ألماً في الصدر والغثيان وصعوبة البلع ورائحة الفم الكريهة وما إلى ذلك.
يجري التشخيص بداء الارتداد المعدي المريئي غالباً من خلال مجموعة من الأعراض السريرية ورد الفعل على تثبيط الحمض والاختبار الموضوعي من خلال التنظير العلوي ومتابعة درجة الحموضة في المريء. وقد يطلب الطبيب إجراء الفحوصات التالية للتأكد من التشخيص الصحيح للمرض أو للتحقق من المضاعفات:
يوصي الأطباء بإجراء بعض التغييرات في نمط الحياة للمساعدة في تقليل أعراض الإصابة بالارتجاع المعدي المريئي. ومن بين هذه التغييرات التي قد تساعد في تقليل فرص الإصابة بهذا المرض هي:
إذا تم تشخيص إصابتك بداء الارتداد المعدي المريئي، فمن المرجح أن ينصحك الطبيب بالبدء في تغيير نمط الحياة وتناول بعض الأدوية التي لا تستلزم وصفات طبية. وإذا لم تشعر بالتحسن في غضون بضعة أسابيع، فقد يصف الطبيب لك إحدى الوصفات الطبية التي تناسب حالتك أو قد تحتاج إلى تدخل جراحي.
تشمل الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية ما يلي:
قد يوصي الأطباء بتناول مضادات الحموضة لعلاج حرقة المعدة الطفيفة وتقليل أعراض ارتجاع المريء. وهي أدوية متوفرة ويمكن تناولها دون وصفة طبية. كما تساعد مضادات الحموضة في تخفيف الأعراض البسيطة. ويجب عدم استخدام هذه الأدوية كل يوم أو مع الأعراض الشديدة إلا بعد استشارة الطبيب ومعرفة دواعي استخدام مضادات الحموضة. قد تُسبب هذه الأدوية بعض الآثار الجانبية مثل الإسهال أو الإمساك.
قد يصف الطبيب أدوية مخفضة لنسبة الحموضة الناتجة عن الإصابة بالارتجاع المستمر وحرقة المعدة. وتشمل هذه الأدوية مضادات الهستامين 2 التي تساعد على منع إفراز الحمض في المعدة.
تعمل مثبطات مضخة البروتون على تقليل كميات الحمض التي تنتجها المعدة. ونظراً لأن أداءها وتأثيرها أفضل من مضادات الهستامين 2، فهي تكون أكثر أهمية وفائدة عندما يتعلق الأمر بعلاج بطانة المريء، والتي يمكن أن تتأثر بصورة سلبية عندما يعاني شخص ما من ارتجاع المريء لفترة طويلة. تتوفر مثبطات مضخة البروتون، مثلها مثل مضادات الهستامين 2، بدون وصفات طبية ويمكن للطبيب أيضاً أن يصف جرعة مضاعفة ذات تأثير أقوى عندما يقتضي الأمر.
تستخدم الأدوية مع تغيير نمط الحياة لعلاج ارتجاع المريء. وإذا لم تنجح أيٌّ من هذه الطرق أو إذا كنت غير قادر على تناول الأدوية لفترة طويلة، فقد تكون الجراحة هي الخيار الأمثل والأفضل. وتضم بعض العمليات الجراحية الشائعة ما يلي:
تُعد عملية تثنية القاع لنيسين بالتنظير البطني أكثر جراحات ارتجاع المريء انتشاراً. وفي كثير من الحالات، يؤدي التدخل الجراحي إلى تحسين أعراض ارتجاع المريء لمدة طويلة. في هذه العملية الجراحية، يقوم الجراح بخياطة الجزء العلوي من المعدة حول نهاية المريء لزيادة الضغط على العضلة العاصرة السفلية للمريء حتى تمنع ارتجاع عصارات المعدة.
تُعد هذه العملية الجراحية إجراءً مبتكراً جديداً، ومن خلال هذه العملية الجراحية تلتف المعدة حول العضلة السفلية العاصرة للمريء من خلال مشابك تثبيت بلاستيكية، حيث توضع باستخدام منظار داخلي (أنبوب صغير به كاميرا). كما أن هذه العملية الجراحية أقل توغلاً من عملية تثنية القاع التقليدية.
هذا الإجراء غير جراحي يقوم فيه الطبيب بإدخال أنبوب صغير في المريء بحرارة منخفضة باستخدام التواتر الراديوي لإعادة تشكيل العضلة السفلية العاصرة للمريء.
تتضمن عملية إجراء سوار المريء (لينكس) وضع سوار من حبيبات التيتانيوم المغناطيسية عبر تقاطع المعدة والمريء. تحافظ الجاذبية المغناطيسية للحبيبات على ارتخاء العضلة بدرجة كافية للسماح بمرور الطعام ولكنها ضيقة بدرجة كافية لمنع حدوث الارتجاع.
إذا كنت مصاباً بارتجاع المريء وتعاني من السمنة، فقد ينصحك الطبيب بإجراء جراحة لإنقاص الوزن والتي تُعرف غالباً باسم جراحة علاج البدانة. وهي الأكثر شيوعاً في مجال تحويل مسار المعدة. حيث يمكن أن تساعدك جراحة علاج البدانة على إنقاص الوزن مع تخفيف أعراض الارتجاع المعدي المريئي.
يمكن توقع سير مرض الارتجاع الحمضي (داء الارتداد المعدي المريئي) في الحالات الخفيفة إلى المتوسطة. وعادةً ما تستجيب الحالات المزمنة للأدوية الموصوفة من قِبل الأطباء، ولكن في الحالات الشديدة والحرجة، قد تحتاج إلى جراحة لتجنب حدوث عواقب وخيمة. ويمكن التحكم في أعراض الإصابة بمرض ارتجاع المريء. لذا؛ يجب على المريض أن يكون قادراً على التحكم في أعراض الإصابة بداء الارتداد المعدي المريئي، وذلك من خلال تغيير العادات الخاصة بالأكل والنوم وتناول الأدوية عند الحاجة.
وفي حال الإصابة بالارتجاع الحمضي/ حرقة في المعدة أكثر من مرتين في الأسبوع واستمر ذلك لعدة أسابيع مع استمرار ظهور الأعراض، يجب عليك استشارة أخصائي الرعاية الصحية الخاص بك.